عمر الشريف...أنا مسلم ومن يؤذيني أسامحه ودفاع شربل بعيني عنه/ نوال صبيح

الجريدة ـ القاهرة
مقتطفات من مقال طويل:

واجهت الشريف، دائماً، عاصفة استفهامية حول ديانته: «مسلم أو مسيحي أو يهودي؟» سؤال الالتباس حول ديانته التي لا يعلمها كثيرون، يعرفون أنه أشهر إسلامه في الخمسينات للزواج بنجمتهم المحبوبة فاتن حمامة، وكان يستقبل غالباً السؤال وهو يبتسم بسخرية ويقول: «لا أدري ما الغرض منه؟» لعل السؤال كان يستفزّه لأنه ضد قناعاته بضرورة التسامح والنظر إلى جوهر الأمور وليس إلى مظهرها الخارجي أو على حد تعبيره «المظاهر قد تكون خادعة»، لكن من الواضح أنه يتعامل مع التسامح على أساس أنه ثقافة اكتسبها من مجتمعه الذي احتضن الأديان كلها في سلام، ومن خبرة سنواته الطويلة التي أكسبته نضجاً بيناً، ومن أسرته المسيحية التي تقبلته بعدما صار مسلماً اختياراً... تركيبة فريدة لشخصية قدِّر لها أن تنعم بجنة التميز.
حريّة
لم تكن نزعة التسامح التي تنسحب عليه بوضوح في السنوات الأخيرة صدفة أو وليدة يوم وليلة، بل هي نتاج التجربة والتعايش في فضاء إنساني سمح لها بالنمو والإثمار. يقول الشريف: «يحتاج التسامح الى ما يعززه، كأرضية مناسبة نستطيع التحرك عليها وتمنحنا حق التعبير والاختلاف، والتحلي بالقدرة على الاستماع إلى الرأي الآخر، باختصار نحتاج مساحة حرية تضمن أن يتحقق عليها التسامح الذي نادت به الأديان كلها. كان الإسلام نفسه عنواناً بارزاً للتسامح ولديه تصورات كثيرة لتحقيقه، ومن يتوغل في الدين الإسلامي سيفهم ذلك وسيجد أنه يؤسس لهذا التسامح ويرفض التعصب وينادي بالحب لا الكراهية، بالحوار لا الصدام، بالرفق لا العنف، بالرحمة لا القسوة، بالسلام لا الحرب».
على الرغم من هداية التسامح التي وصل إليها، إلا أنه يواجَه دائماً بالسؤال: «هل أنت مسلم؟} فيجيب: «نعم، لأني آمنت بأن الإسلام هو آخر الأديان، جاء مكملاً لما سبق وليس متعارضاً معه، بل هو اعتراف بالأديان السابقة وأنا سعيد أنني مسلم ولي علاقتي الخاصة بربنا، كثيرا ما أكلِّمه وأطلب سماحته ومساعدته وأعي أنه الى جانبي يحميني ويرشدني الى طريقي كي لا أقع في الخطأ. لم أكذب في حياتي ولم أؤذ أحدا، ومن يؤذيني أسامحه، وذلك كله يحدث لأنني أعتقد بأن الله إلى جواري يساندني ويعلمني».
لا تدل بساطته في التعبير عن إيمانه على سطحية، بل فهم تلقائي لفكرة الأديان والتقرب إلى الله، وربما تلك البساطة التي يتحدث بها هي نفسها التي تجلب عليه من حين لآخر هجوماً عنيفاً بسبب الالتباس غالباً في فهم ما يريد الإفصاح عنه، بالضبط كما حدث في العام 2005 حين أدلى بحوار صحافي لصحيفة «الغارديان» البريطانية قائلاً: «أنا أؤمن بكل شيء ولا شيء، لأن أول شيء تعلمته كان أن الله هو العدالة، لكني لا أرى عدالة في عالمنا»... وهو الرأي الذي أثار أقلاما عربية ضده، اذ انفتحت أبواب الجدل حول ديانته وسلوكياته وفضائحه، على حد تعبير الذين هاجموه واعتبروا أن لا حق له في الحديث عن الإيمان أو عن الله، بعدما رفعوا عنه صفة المسلم وقالوا «هو يهودي الأصل فلا داعي للتمسح بالإسلام».
كان الهجوم عنيفاً الى درجة جعلته حزيناً ومستاء لأنه لا يفهم سوى أن العنف الذي يواجهه هو عنف غير مبرر ولا معنى أو داعي له، فهو صادر عن أناس لا يفهمونه، حسب قوله، وليس لديهم حتى الاستعداد لذلك كما يبدو.
ادّعاءات
قابل الهجوم على الشريف حينذاك دفاع عن مسيرة فنان عربي صار أيقونة للفن العربي في سماء العالمية، مثلا، كتب الكاتب اللبناني شربل بعيني كاشفاً عن الأصل المسيحي واللبناني للشريف، وقال إن الترويج لأصله اليهودي ربما ارتبط بفترة وجوده في هوليوود التي يسيطر عليها اليهود، موضحًا: «من حق عمر الشريف التنقل بين الأديان كما يتنقل من بلد لآخر، ومن حقّه أن يختار المذهب الذي يريد وساعة يريد، فحرية الإنسان لا تصادَر، لا باسم السياسة ولا باسم الدين، خلقنا الله أحراراً، عقولنا تسيّرنا وتخيرنا بغية الحفاظ على وجودنا واستمراريتنا، لكن من حقنا أيضاً أن نعرف الحقيقة، لا أن نذر فوقها ادعاءات فارغة لا صحة لها. عمر الشريف وجه أمتنا العربية الحضارية، مسيحياً كان أم مسلماً أم يهودياً، وأحد أيقوناتنا
الفنية التي بها نفخر، فبدلاً من أن نرهبه، وجب علينا تكريمه وتشجيعه، لأن الأمة التي لا تكرّم الفنان، لن يكرّمها أحد».
لاقت أقوال البعيني قبولاً لدى جماهير الإنترنت، فتجاوبوا مع المشكلة واعتبروها قضية تستحق الرد، فجاءت تعليقاتهم رداً على ما كتبه تعبِّر عن ذلك، وهي التعليقات التي تناقلتها مواقع كثيرة خصصت مساحة للشريف، اليكم بعضاً منها:
**