أزمنة خالدة في حياة بائع النار/ عدنان أبو زيد

كاتب عراقي مقيم في لندن
الشرقية
مقتطفات من مقال طويل:

يبدو لي ان ربط الشاعر بالامكنة ليس سهلا " كما ان محاولة ربط حركة الشاعر في فلك الازمنة ضرب من المحال. واذ حاولت جمع هذه المادة عن الشاعر البياتي، خذلتني مصادري لان الحديث عن البياتي لا يكتمل باتباع طرقي التقليدية في البحث وهي الكتب والمجلات ومواقع الشبكة العنكبوتية واخبار الاصدقاء.ذلك ان جميع مايتوفر عن الشاعر هو حديث الشعر فحسب، والشعر وحده. اما علاقات الشاعر مع الامكنة والاشخاص وتفاصيل حياته اليومية، فهو ضرب من الصعوبة. ولعلنا في هذا المجال ندعو الي توثيقية اكبر لحياة عظمائنا. فالتاريخ يريد من الشعوب ان تدون صفحاتها والا ضاعت بين زحمة اخبار الامم. وفي زعمي أن هذا استقطاباً كي نضع الجمهور مقابل الشعر. و كي يري الجمهور تفاصيل اللحظة المادية التي يجسد فيها المبدع خلجاته.
القاريء الجيّد للنصّ" هو القاريء الذي يعرف اكثر عن الكاتب ومعاناته لان النص ليس حروفا تسقط من السماء، بل حدث مدون يولد من عمق التاريخ.
شربل بعيني..لقاء في الباص
ويقول شربل بعيني انه التقي البياتي في 1987، في بغداد. ويصف اللقاء بالقول: كنت أجلس وحيداً في الباص أمام فندق الشيراتون، أنتظر إقلاعه للذهاب إلي قاعة الرشيد الكبري لألقي قصيدتي "أرض العراق.. أتيتك"، وفجأة صعد إلي رجل خمسيني يكلل الشيب مفرقيه، وجلس بجانبي وهو يبتسم لي، فقلت له بعد أن أذهلني وقاره: أللـه بالخير.. شربل بعيني من أستراليا.
ـ يا مرحبا.. عبد الوهّاب البيّاتي من العراق.
ـ أنت عبد الوهّاب البيّاتي.. أللـه كـم أنا مشتاق لرؤيتك
ويقول بعيني انه قال للبياتي: الدكتورة سمر العطّار تدرس أدبك في جامعة سيدني. ثم ما لبث ان طلب بعيني من البياتي ان يقرا مجموعته الشعرية باللهجة اللبنانية.
وفي الرابع عشر من شهر نيسان 1988، أرسل البيّاتي هذه الرسالة لشربل:
"الأخ العزيز الشاعر الأستاذ شربل بعيني
تحيّاتي ومحبتي..
وصلتني رسالتك المؤرخة 16/3/1988، قبل أيام قليلة، ومعها مجموعة من مؤلفاتك الشعريّة، وبعض ما كتب عنك، وقصاصة من جريدة صدي لبنان الصادرة في سيدني.
شكراً علي مشاعرك الطيّبة وهداياك التي تؤكّد نشاطك الشعري العميم في ديار الغربة، ومحاولاتك التغلّب علي الغربة بالكتابة التي هي نعمة نادرة.
توقّفت كثيراً عند رباعيّتك الرائعة:
سكران وحدي بغربتي سكران
ومسكّر بوابي بوجّ الناس
بحاكي كراسي البيت والحيطان
وبصير إتخانق أنا والكاس
**